الخشب في فصل الربيع: حين تتنفس الأشجار فنًّا
مع حلول فصل الربيع، لا تقتصر الحياة على تفتّح الأزهار وخضرة الأغصان، بل تمتدّ إلى عمق الجذور وسكون الجذوع. في هذا الفصل المفعم بالتجدد، يتألق الخشب كخامة نابضة بالحياة، تحمل بين أليافها ذاكرة الشتاء ووعد الربيع. إنه فصلٌ تنبع فيه الروح من الشجرة، ويتحوّل فيه الخشب من مجرد مادة صامتة إلى وسيلة تعبير ساحرة في يد النحات.
يُعدّ الربيع من أنسب الأوقات للعمل على نحت الخشب، حيث تكون الأخشاب في أفضل حالاتها من حيث الرطوبة والمرونة، خصوصًا تلك المقطوعة حديثًا من الأشجار التي تم تقليمها استعدادًا للموسم الجديد. هذا التوقيت يمنح النحاتين فرصة ذهبية لاكتشاف ملامح جديدة في الخشب، ألوانًا أكثر دفئًا، وخطوطًا أكثر ليونة، ونُسجًا تنبض بالحياة.
وليس من الغريب أن نجد كثيرًا من النحاتين يستلهمون من الربيع أشكالًا حيوية، فتولد منحوتاتهم على هيئة طيورٍ مهاجرة، أوراقٍ تتمايل، أو حتى وجوهٍ بشرية مشبعة بالتفاؤل والدفء. الخشب في الربيع لا يُقاوِم النحت، بل كأنه يدعو إليه، كأن الطبيعة نفسها تُشارك الفنان في خلق تحفة تُجسّد جمالها.
في “روائع النحت”، نحتفي بالخشب ليس كمادة فقط، بل ككائن حيّ مرّ بمواسم، وامتصّ من الأرض حكمة، ومن الشمس طاقة، ومن الرياح حكايات. نؤمن أن كل عقدةٍ فيه، وكل تشقّق، وكل رائحة تنبعث منه، تحمل أثر الزمن، وصوت الطبيعة، وروح الفن.